الاثنين، 14 يوليو 2008

ايران واسرائيل وحرب الكلام

التجارب الصاروخية الايرانية 09-07-2008
أجرت ايران هذا الاسبوع تجارب لاطلاق عدة صواريخ قالت انها يمكنها الوصول الى اسرائيل

قد يكون التوتر في تزايد بين اسرائيل وايران بعدما اجرت طهران اختبارا لصواريخ بعيدة المدى، لكن توقع الاسوأ قد يكون سابقا لأوانه.

فعلى شاطئ بالمشيم الى الجنوب من تل أبيب، ليس هناك من علامة على وجود ازمة دبلوماسية بين ايران واسرائيل. الشاطئ هادئ لان اليوم يوم عمل.

لكن هناك بعد المستجمين، منهم من يسبح ومنهم من يلعب كرة المضرب، على خلفية اغنية قديمة لبوب ديلان.

وتحد قاعدة بالمشيم الجوية اسلاك شائكة حيث يمكن ان ترى بسهولة بطريات صواريخ باتريوت الامريكية، وهي تقف خضراء بزاوية 45 درجة.

لكن ما لا يظهر للعيان هو الذي يجعل بالمشيم في مقدمة جبهة الحرب الكلامية مع ايران، لان في القاعدة ايضا بطرية لصواريخ "آرو" الدفاعية. والتي تعتمد عليها اسرائيل لدرئ أي هجوم صاروخي ايراني.

ويعيش معظم سكان اسرائيل في المناطق الساحلية الى الشمال والجنوب من تل أبيب، مما يجعلها هدفا سهلا.

لكن رغم كل الخطابات الملتهبة التي نسمعها من قادة الجانبين، فان الوضع هنا هادئ بشكل يلفت الانتباه. سألت فلسطينيا في القدس الشرقية عما اذا كان قلقا من هجوم صاروخي، فاجاب بالنفي مبتسما وقال: "اتذكر صواريخ صدام حسين؟ انظر ما صار به. والايرانيون سيلقون نفس المصير."

ان اتفاق رأي فلسطيني من القدس الشرقية مع كبرى وسائل الاعلام الاسرائيلية يبرهن على التحالف الغريب الذي صار يتكون بسبب تزايد نفوذ ايران في المنطقة.

فاسرائيل والولايات المتحدة والعديد من حلفائها العرب يريدون احتواء "فارس" ونفوذها الجديد المتنامي.

وبالطبع، لا يرى كل الفلسطينيين المشهد بنفس الطريقة، لكن الرأي السائد عند النخب العربية هو الذي يعطي المواجهة بين ايران والغرب، وبين ايران واسرائيل، هذا البعد الاقليمي.

والمفاجئ هو ان الآراء بشأن ايران تتفاوت في اسرائيل نفسها، فكما الشأن في الولايات المتحدة، ترى من يتخذ موقف الصقور ويؤمن بان القوة العسكرية هي الحل الوحيد لطموحات ايران النووية.

فمن هؤلاء المعلقين من يذكر بالمحرقة ويدعو الى عدم السماح بتكراره، ويرون ان السبيل الوحيد الى ذلك مهاجمة ايران.

اما السياسيون فعليهم بالطبع تبني لهجة قاسية مهما كان توجههم، وفي هذا المجال، لا يحتاج القادة الاسرائيليون من يعلمهم.

كل شيء الآن متأثر بالسياسة الداخلية، فضعف رئيس الوزراء ايهود اولمرت بسبب قضايا الفساد التي يستجوب بشأنها يعني ان السباق مفتوح لحل محله.

لكن مع ذلك، فان خطاب وزير الدفاع وزعيم حزب العمال ايهود باراك يبقى اكثر تمييزا مما توحي به بعض التقارير الصحفية.

بالطبع فيه تهديدات غير مباشرة لايران لكنه ايضا يدعو الى تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران بينما تأخذ المساعي الدبلوماسية مجراها.

ولتكون لي نظرة مختلفة عن الازمة الايرانية، تحدثت الى البروفيسور ديفد مينشري، مدير الدراسات الايرانية في جامعة تل ابيب.

قال لي مينشري في مكتبه الصغير بمبنى الجامعة انه لا يتفق مع رأي الصقور الذين يعتبرون ايران منساقة وراء قيادة دينية لاعقلانية، موقفها الاول والاخير رفض الحلول الوسط.

بل في نظره، ليس هناك من سبب لتتواجه ايران واسرائيل، فليس هناك مطالب حدودية او جغرافية، كما انهما كانتا تتمتعان بعلاقات طيبة حتى الثورة الاسلامية.

واضاف البروفيسور مينشري ان لايران تاريخ ايجابي فيما يخص معاملة اليهود، مذكرا بكورش الكبير، أحد أعظم ملوك الفرس الهخامنشيين، الذي سمح لهم بالعودة الى القدس قبل 25 قرنا.

ويقر مينشري ان "قادة ايران الحاليين مشكلة بالفعل، لكن نظراءهم الاسرائيليين يجب ان يتحلوا بالصبر ايضا."

وفي رأيه، ينبغي العزوف عن التصريحات والبيانات شديدة اللهجة. "ايران تعرف قدرات اسرائيل العسكرية، فلماذا تؤجج هذه الحرب الكلامية؟"

إذن فان نظرت ما خلف غمامة الحرب، او الحرب الكلامية على الاقل، فسترى ان الشرق الاوسط ليس على حافة النزاع المسلح هذا الاسبوع، وان المستجمين على شاطي بالمشيم على حق، فهذا ليس أوان تحويل أزمة الى دراما، ليس بعد على كل حال.




ليست هناك تعليقات: