الأربعاء، 16 يوليو 2008

رجال الدين يتهمون بائعيه بالترويج للدجل والشعوذة


صنعاء- جلال الشرعبي

تسبب العقيق اليماني بإثارة جدل ديني واجتماعي كبير في اليمن، خاصة مع الانتشار الكبير الذي تلاقيه هذه الحجارة الكريمة بين الناس، مقابل رفض ديني يتهم تجار العقيق بالترويج للجدل والشعوذة، خاصة مع الترويج لفعالية العقيق في علاج بعض الأمراض، وحتى الحماية من السحر وطرد الأرواح الشريرة.

فإلى جانب الزينة، صار للعقيق أهداف "صحية"، فصار الكثير من اليمنيين يتخذونه كعلاج والتداوي، لادعاء أنه يقي من لدغ الثعابين، كما يجلب "البركة" والرزق، في حين يتخذه العرسان لحمايتهم من العجز الجنسي، فيما يحمي العروس من السحر والعين، ويطرد الأرواح الشريرة، خاصة في ليلة الدخلة.

مشترون يعتقدون بتأثيره على حياتهم

وتلاحظ الشابة انتصار النجار أن ارتداء العقيق عادة مشهورة في صنعاء، "والناس يعتقدون بكراماته في منع الحسد والعين ويؤكدونها، فتجد المرأة ترتدي العقيق إذا ولدت وتضعه على يد المولود خوف الحسد والعين". وتضيف، في حديثها لـ "العربية.نت" "أن العروسة ترتدي خاتم العقيق خلال الأيام التي تسبق الزفاف حتى ليلة الدخلة، وهو اعتقاد أنه يمنع عنها العين والحسد ويطرد الأرواح الشريرة، ويمنحها الشجاعة لتتجاوز خوف الليلة الأولى للزواج".

وفي مدينة صنعاء القديمة، وخصوصاً في "باب اليمن"، يكثر وجود حرفيي العقيق وتجاره، الذين يحاول كل منهم إقناع زواره بما لديه من أشكال وألوان للعقيق اليماني، وسرد ما له من كرامات ومنافع علاجية لدفعهم إلى الشراء. فيروي البائع خالد لـ"العربية.نت" انه "عبر سنوات طويلة، اثبت العقيق أن له فوائد عديدة لمنع الحسد والعين وغيرها وهو مبارك وذكره الرسول بأحاديث"، مضيفاً "أن تجارب وقصص كثيرة تؤكد هذا فمثلاً هناك زيجات فشلت بسبب عدم لبس خاتم العقيق ليلة الدخلة وقبل الزفاف".

أما مدير موقع "العقيق اليماني" على شبكة الانترنت أحمد روضان، فيشير لـ "العربية.نت" ان الذين يقبلون على شرائه يندفعون باعتقاد تأثيرها على حياتهم "لجلب الحظ والصحة والسعادة ومنع الدسائس وإزالة الخوف وحتى العلاج بها، وأنه تختلف هذه التأثيرات باختلاف خصائص الحجر".

ويضيف أن هذا الاعتقاد لا يقتصر على اليمنيين فقط، "فحتى السياح الأجانب يطلبونه، لاعتقادهم أنه يجلب الحظ والمحبة، فيشترون كميات كبيرة منه لإهدائها لأقاربهم في بلدانهم".

ويشرح روضان أن "العقيق من الأحجار الكريمة المباركة وكلما كان يحمل كتابة أو رسماً أو رمزاً دينياً كاسم الله أو اسم الرسول أو صورة الكعبة كان مرغوباً وسعره مرتفعا أكثر".

عودة للأعلى

رفض ديني

تتفاوت أسعار العقيق حسب أنواعه وجودة صكه

لكن رجال الدين لهم رأي آخر، فيعتبرون الترويج للعقيق بأحاديث غير صحيحة منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم نوعا من الدجل والشعوذة وكسب المال.

ويرى الداعية في وزارة الاوقاف والإرشاد اليمنية الشيخ جبري إبراهيم أن الاعتقاد بمنافع العقيق في العلاج هو نوع من الشعوذة والدجل. ويقول لـ "العربية.نت": "الضار والنافع هو الله. ولا ينبغي أن نربط عقيدتنا بأحجار أو أي أشياء أخرى ما لم يثبت ذلك علمياً بمنافعه وأن هذه الأحجار لا تضر ولاتنفع"، مضيفاً أن "من يروجون لذلك يستندون إلى أحاديث قد تكون موضوعة هم التجار بهدف المغالاة بأسعار العقيق وهذا لايجوز"، خاصة أنه "لم يقف على حديث للنبي يخبر بمنافع العقيق"، بحسب ابراهيم.

وتتفاوت أسعار العقيق حسب أنواعه وجودة صكه وصقله من قبل الحرفيين إلا أن العقيق الأحمر الصافي جداً هو أكثر الأنواع بيعاً. ويقول خالد، وهو أحد حرفيي العقيق في صنعاء القديمة إن سعر الفص الواحد من العقيق الأحمر الصافي تتراوح بين 8 و10 آلاف ريال (ما يعادل 10 دولار أمريكي )، أما الفصوص المصورة الطبيعية يصل سعر الفص الواحد إلى ثمانين ألف ريال ( ما يعادل 400 دولار أمريكي).

ويشرح "كل نوع وله سعر. إذ أن هناك ما يزيد عن 20 نوعاً من العقيق اليماني، وأهمها العقيق الرماني أو العقيق الأحمر الصافي والعقيق المشجر، الذي فيه أشكال ورسوم طبيعية كلفظ الجلالة وعبارات أخرى، ونوع آخر يسمى بالفص المزهر أو الجزع النفيس ويصنع منه قلائد وخواتم".

ويتواجد العقيق اليماني في مناطق متعددة من اليمن، وتمثل آنس وعنس من محافظة ذمار 100كم جنوب العاصمة صنعاء أهم مناطق توافره، تليهما منطقة خولان التي تنفرد بأجود أنواع العقيق المشجر. كما يتواجد أيضاً في مناطق أخرى من اليمن إلا أنه يكون بشكل قليل جدا أو أنه من الأنواع الرديئة والقليلة الجودة والاستخدام.

وحسب حرفيي العقيق بصنعاء القديمة، فإن عملية استخراج العقيق تحتاج إلى جهود كبيرة، وخبرة عالية في البحث عن أماكن تواجد عروق العقيق، والوصول إلى الأحجار الكريمة في مساحة لا تتجاوز 10 أمتار وعمق يصل إلى 80 متراً.

المصدر:العربية نت

ليست هناك تعليقات: