الأحد، 20 يوليو 2008

بعد مطالبته بدمج مادة الدين الإسلامي في مادة التربية المسيحية .. الجماعة الإسلامية تتهم حزب التجمع بمغازلة الغرب ومتطرفي الكنيسة

كتب مجدي رشيد (المصريون) : بتاريخ 20 - 7 - 2008 شنت الجماعة الإسلامية هجوما عنيفا على حزب التجمع ورئيسه رفعت السعيد ورفاقه ، ردا على البيان الذي أصدرته أمانة حزب التجمع مؤخرا وطالبت فيه بإلغاء مادة الدين الإسلامي من المدارس ودمجها في مادة التربية المسيحية حفاظا على الوحدة الوطنية وعلى نسيج الأمة من التمزق .
وشددت الجماعة في بيان أصدرته أمس على أن الدين لم يكن في يوم من الأيام سبباً من أسباب الاحتقان الطائفي في مصر ، وأن الدعامة الأساسية للحفاظ على أمن وسلامة غير المسلمين هو التمسك بالدين ، مشيرة إلى أن أقباط مصر لم ينالوا حقوقهم ولم يعرفوا الأمن إلا في ظل الإسلام وتطبيقه.
وأضافت أن بيان حزب التجمع يعكس بوضوح مدى الأزمة التي يعيشها الخطاب اليساري ، الذي وصل مؤخرا إلي تلك الحالة المزرية التي تثير الشفقة أكثر من أي شئ آخر ! مضيفة أن الأزمة التي يعانيها الخطاب اليساري اليوم تحتاج إلى دراسة مطولة تجملها الجماعة في نقاط مختصرة ، ليس ردا على بيان الحزب ولكن رغبة في البدء في فتح ملف الحالة الثقافية والفكرية في مصر عامة وما يخص الحركة الثقافية على كافة مستوياتها بالنقد والتحليل بطريقة موضوعية ، وباستخدام لغة خطاب راقية مهذبة تليق بالمنهج الإسلامي الذي تعتنقه الجماعة وتدافع عنه ، وخاصة مع وجود تاريخ من الصراع والاحتكاك والمراوغة وإشعال الفتن والحروب غير المباشرة التي خاضها بعض اليساريين وغيرهم ضد المشروع الإسلامي ممثلا في رموزه وتياراته المختلفة قديما وحديثا.
وأكد البيان أن غاية الجماعة هي الدفاع عن الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح وإظهار عظمة ديننا ومنهجه ، والتأكيد على ضرورة عودة الأمة إلى ثقافتها الأصيلة وهويتها الإسلامية وفكرها القويم ومنهجها السديد ، كسبيل وحيد لاستعادة وجودها وتثبيت حضورها والقيام بدورها الريادي والحضاري ، والتأكيد من جهة أخرى على فشل كل الجهود التي بذلها اليسار وغيرهم من التيارات المناوئة للدين في إيجاد أيديولوجيات بديلة للأمة عن الإسلام تقف بها في وجه التحديات وتدافع بها عن كيانها ووجودها وتثبت بها أقدامها في ميدان النهضة والرقى والتقدم. وأشارت الجماعة إلى أنه في سبيل تذويب الشخصية المسلمة ذات الثقافة الملتزمة والأخلاق الراقية في كأس الغرب المتحرر ، استخدم اليسار كل وسائل الإعلام والتثقيف المرئية والمقروءة والمسموعة وكل وسائل التواصل من مسرح وسينما وشعر ومقال وقصة ورواية وكتاب وغيرها في رسالة لمحاربة كل ما هو إسلامي ، ابتداء بالحركات الإسلامية وانتهاء بالأزهر والأوقاف ، ولا مانع من لمز الدين وغمزه بينهما ، معتبرة أن أصحاب هذا الخطاب القديم عندما يكررونه هذه الأيام يثيرون الشفقة عليهم.
وتساءلت الجماعة : أي فكر وأي ثقافة كانت سببا في هزائمنا وتأخرنا وانحطاطنا .. أهو الإسلام الذي طالما ارتقى بالأمة ووحد صفها وأنار طريقها ووضعها على عجلة قيادة العالم وصد عنها أخطار الغزاة وأطماع الطامعين أيضا ؟ أهو الإسلام الذي انتصرت به الأمة في معاركها الفاصلة مع أعدائها ، أم هو الإسلام الذي انتصرنا به على الصليبيين والتتار قديما وعلى اليهود عندما عدنا إليه ورفعنا رايته في أكتوبر 73 وعلى الاستعمار الفرنسي والإنجليزي والإيطالي وغيره ؟ أم هو الإسلام الذي يطالب اليساريون اليوم بإلغائه وتمييعه في قلوب الشباب ؟ أم هو الفكر اليساري وغيره من الأفكار التي تسببت في هزائمنا ونكباتنا وانهيارنا وتأخرنا ؟ أم هو الفكر اليساري وغيره الذي لم نذق منه إلا طعم المر ولم نر من وراء تطبيقه إلا المآسي والكوارث والفشل.
وتساءلت الجبهة أيضا : في أي موقعة انتصرنا بالفكر الاشتراكي الثوري ، وفى أي مجال تقدمنا بالبعث العربي أو اليسار التقدمي أو غيرها ، وأي نهضة صنعناها عندما اعتززنا بماركس أو لينين أو تشي جيفارا أو فيدل كاسترو ؟ مضيفة أن التاريخ يقول إننا لم ننهزم في عام 1948 ولم ننهزم عام 1967 .. لم ننهزم كأمة وكشعوب مسلمة قاومت وناضلت ودافعت وكافحت ضد أعدائها بكل ما تملك ، وإنما الذي انهزم هو الفكر الذي اعتنقه قادتنا ونخبنا وأرادوه بديلا عن إسلامهم ، سواء أكان فكرا علمانيا ليبراليا أو فكرا اشتراكيا ثوريا ، وهذه حقيقة تاريخية ثابتة لا يجادل فيها اليوم إلا مكابر.
وأرجعت الجماعة أزمة الخطاب اليساري اليوم إلى سببين ، أولهما أنه خطاب يعتمد على فكر جامد لا يجيد النقد والمراجعة ولا يعترف بالتنوع والاختلاف ، بالإضافة إلى أنه فكر مستورد من بيئة غير بيئتنا ومن واقع غير واقعنا ، وغير منسجم مع تاريخ الأمة ولا ينطلق من طبيعة تكوينها الحضاري والثقافي ، ووضعه أصحابه للدفاع عن قضايا ليست قضايانا وفكر تنظيري غير عملي وغير واقعي يصر على قلب الحقائق وإنكار المسلمات.
وأرجع البيان أسبا هذه الأزمة إلى أن معظم أصحاب هذا الخطاب يتحدثون من برج عاجي ، فالمنابر الإعلامية والثقافية التي يسيطرون على معظمها بعيدة عن واقع الناس وأفكارهم وميولهم ورغباتهم ، والشعوب المسلمة اليوم قد نضجت بما فيه الكفاية لتميز بين من يريد نصرتها ونهضتها ومن يريد تكرار مآسيها ونكباتها وهزائمها وضياع ثرواتها وخيراتها ، فضلا عن أنها اليوم متعطشة للإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة ، وتؤمن بأنه طريق خلاصها وعزتها.
ونبهت الجماعة الإسلامية إلى أن أزمة الخطاب اليساري المصري الحقيقية هي أنه ترك كل قضاياه و أفكاره بلا استثناء واحتفظ بفكرة واحدة هي كراهية الإسلام والإسلاميين ، وكأنه ليس في مصر مشكلة سوى كتب الدين الإسلامي في المدارس. وتساءلت عن أسباب كراهية اليسار للدين الإسلامي بالذات وليس غيره ، هل لأنه أصبح المطية الذلول لكل من يريد الوصول للدرجات العليا ومغازلة الغرب الذي يزعمون كراهيته ومغازلة متطرفي الكنيسة عسى أن ينالوا البركة .
وأضاف البيان أن الخطاب اليساري يستند إلى تاريخ مليء بالإخفاقات والفشل ، فالإنجاز الكبير والوحيد الذي أحرزه اليساريون طوال تاريخهم المديد هو نجاحهم في التحريض ضد الإسلاميين ، وتمكنهم من نصب فخاخ وقعت في شركها بعض الحركات الإسلامية ، مما أثر بالسلب على الدعوة والتضييق عليها سنوات طوال.
وقللت الجماعة من أهمية ما يقوم به اليسار من محاربة للفكر الإسلامي ، مشيرة إلى أن ما حدث لم يكن إلا مناوشات وهذه هي غاية جهد الخطاب اليساري ، فأقصى ما يستطيعونه في مواجهة المنهج والفكر الإسلامي هو التشويش وافتعال بعض المشكلات التي قد تقف عائقا أمام حركة الإسلام بعض الوقت ، ولكنهم لا يقدرون على منعه إلى الأبد من العودة ولم يمثلوا يوما ولن يكونوا في يوم من الأيام منافسين حقيقيين للإسلام ، كما أن مشروعهم لم ولن يرقى يوما ليطرح بديلا عن المشروع الإسلامي ، ليس لقوة الإسلاميين أو الحركة الإسلامية ولكن لقوة الإسلام نفسه.
وتساءلت : لماذا لا يهتم الدكتور رفعت السعيد ورفاقه بمراجعة أفكار حزبهم ودراسة أسباب فشل فكرهم ، ولماذا لا يقومون بعملية نقد شامل بناء تنتهي بالاستفادة من أخطاء الماضي وتؤدى إلى تطوير أدائهم على أرض الواقع ، وتسمح بمساحة من الحرية والانفتاح والحوار وقبول الآخر ؟ ولماذا لا يهتم الحزب بقضايا الأمة المصيرية الكبيرة ومناقشتها ودراستها ومحاولة إيجاد مخرج للشعوب العربية والمسلمة من مأزق التخلف والفقر والجهل ؟.
وأوضح أنه في الوقت الذي نتعرض فيه لهجمات شرسة في أفغانستان والعراق وفلسطين والسودان غايتها النيل من ديننا ، يأتي اليساريون ويطالبون بإلغاء مادة الدين الإسلامي ودمجها في مادة التربية المسيحية بهذه البساطة والسطحية ، وكأنهم يتحدثون عن دمج مادة الرسم مع التربية الموسيقية أو مادة الفلسفة مع المنطق .
واختتم البيان بالتساؤل: إلى متى سيظل اليساريون مجرد صدى لصوت الأعداء وببغاءات تردد وراء أمريكا وغيرها أمنيات وأحلام الغرب الواهم في إلغاء الدين وإقصائه ، أو على الأقل تمييعه ، وإلى متى سيستمر مسلسل التواطؤ المفضوح مع كل حاقد على هذه الأمة ومع كل راغب في تدميرها ومحوها من الوجود ؟ .

المصدر: جريدة المصريون

ليست هناك تعليقات: